دراسات الجدوى لمشاريع الطرق والجسور 1- المقدمة : تعد خدمات الطرق والجسور من ضرورات رفع مستوى اقتصاديات إي بلد عن طريق النقل المباشر للأشخاص والبضائع وحل المشكلات المتعلقة بالدفاع عن الوطن وتسهيل مهمة إمداد المجتمع بالخدمات المتنوعة مثل الصحة والتعليم والاتصالات والأمن ومكافحة الأوبئة والإمراض وتشجيع الاستيطان والاستقرار واستغلال المناجم والمقالع ومصادر الثروة الطبيعية والاصطناعية ، كما تشجع شبكة الطرق على السفر والترفيه والاطلاع على أحوال الشعوب والأمم الأخرى مما يزيد أواصر الترابط والتفاهم بينها. أما الفلاحون فأنهم يستفيدون من خدمات الطرق بشكل مباشـر وذلك بنقل منتوجهم بأسرع وقت، كما أن توفير طرق مبلطة يفيد مستخدمـي المركبات مـن خـلال خفض تكاليـف تشغيل المركبـات (Vehicles operation cost) وتوفير في وقت الرحلة وتقليل حوادث المرور، لان انتشار السيارات على أطوال كبيرة من الطرق يقلل من كثافتها وبالتالي يقلل من احتمالات وقوع حادث، كما إن الطرق المبلطة توفر الراحة للسائق والمسافرين. إن الطرق والجسور كخدمات الصحة والتعليم والدفاع المدني تقع مسؤولية توفيرها على الدولة ولا يستطيع القطاع الخاص توفيرها إلا بشكل محدود جدا” .. إن للطرق سلبيات ايضا منها إنها تستهلك موارد معينة مثل الأرض التي قد نحتاجها لأغراض إنتاجية أخرى، كما إن المركبات التي تستخدم الطرق تسبب تلوث البيئة ، يضاف إلى ذلك الخسائر في الأرواح والممتلكات جراء حوادث المرور التي تقع على الطرق . من وجهة استخدام الموارد فان شبكة الطرق والجسور تعتبر قد حققت الغرض من تنفيذها إذا كان صافي مجموع ما ينجم عن ذلك في صالح المجتمع، وبعبارة أخرى أن يزيد الوفر في تكاليف مستخدمي الطرق والجسور والمنتفعين المباشرين وغير المباشرين من تنفيذها أو تحسينها على تكاليف إنشائها ، وهناك عوامل أخرى تساهـم في إبراز الحاجـة إلى تنفيذ مشروع طريق أو جسـر لا تخضع للقياس مثل موضوع الأمن والدفاع عن الوطـن للطـرق المسمـاة (Security roads). 2- الهدف من دراسات الجدوى : يقول المختصون ((إن أرخص الطرق ليس هو الذي يكلف اقل بل هو الذي ينتج عن تنفيذه أقصى عوائد مربحة نسبة إلى المبالغ المصروفة عليه)). إن دراسات الجدوى يجب أن تكون دقيقة ومقبولة وصحيحة وتحتوي على معلومات تسهل الأمر على متخذ القرار وتهدف إلى ما يأتي: – أ- إبراز الناحية الاقتصادية للمشروع. ب- إعطاء الحلول الفنية للمشاكل المتوقع حدوثها أثناء التنفيذ. ت – إعطاء صاحب القرار المعلومات الضرورية ليقرر هل ومتى وكيف ينجز المشروع؟ 3- صفات وحدود دراسات الجدوى : بسبب محدودية الموارد (مهما يكون البلد غنيا” فان الموارد تبقى محدودة والاحتياجات تبقى غير محدودة) فان ذلك يلزم الدولة أن تختار بشكل مدروس كيف تحقق أهدافها، ويمكن اختصار أهداف استثمار الموارد بما يأتي: – أ- تحقيق الأمن الداخلي والخارجي. ب- نشر الوعي الثقافي والصحي والاجتماعي ت- تسهيل وسائل الاتصال وتبادل المعلومات (داخليا وخارجيا) . ث- تحقيق النمو الاقتصادي بالنسبة المقبولة. ج- تخفيف الازدحام في المدن الكبيرة وتشجيع السكن خارجها. ح- تفيد دراسات الجدوى في تقديـم المشـورة لأصحاب القرار والتحمس لتنفيـذ المشروع أو إلغائـه او كما يقال (Do or not to do it) تمتاز دراسات الجدوى لمشاريع الطرق والجسور الجديدة بانها تتاثر بمحددات عديدة منها: – اولا: ان المعلومات الاحصائية غير متوفرة او غير دقيقة ولا تتوفر في احيان كثيرة معلومات وافية تفيد في أجراء الدراسات. ثانيا: لا يعرف بالضبط تأثير المشروع ايجابيا أو سلبيا على القطاعات الأخرى لعدم إمكانية فصل المشروع عن اوجه الحياة الأخرى. ثالثا: تكاليف دراسات الجدوى كبيرة لان النقص في العناصر الماهرة (في الدول النامية خاصة) هو الذي يسبب ذلك. 4- مراحل دراسات الجدوى : تمر دراسات الجدوى لاي مشروع ومنها مشاريـع الطرق والجسور بعدة مراحل يعبر عنها بما يأتي: – أ-المرحلة الأولى: وتتضمن تحديد فرص الاستثمار (أي تحديد الحاجة إلى المشروع). ب-المرحلة الثانية: إعداد فرص الجدوى وتتضمن: أولا: دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية الأولية. ثانيا: دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية التفصيلية (وهي أهم مرحلة). ت – المرحلة الثالثة: وهي مرحلة تقييم المشروع وإقراره وفيها يتم فحص مدى جدوى المشروع فنيا و اقتصاديا واجتماعيا بموجب معايير معينة تمهيدا لصنع القرار الاستثماري استنادا إلى أفضل الخيارات والبدائل المتاحة ، ويشمل التقييم الجوانب الآتية:
– تقييم تشغيلي.
– تقييم بيئي.
– تقييم هندسي.
-تقييم اجتماعي.
– تقييم مالي.
– واخيرا تقييم اقتصادي . ولكي يخضع المشروع إلى التقييم ينبغي أن تتوفر له الشروط و المعلومات الآتية: –
– يمكن تحقيقه فنيا وهذا يعني الجوانب الهندسية. – يمكن تحديد التوقيت الزمني لتنفيذ المشروع وعمره الإنتاجي. – وضوح طبيعة وحجم مستلزمات تنفيذ المشروع وتشغيله. – وضوح طبيعة وسعة حجم الخدمات التي يقدمها. – اختيار المعيار الذي تتم بموجبه المقارنة بين التكاليف و المنافع (Benefit cost ratio) 5- إطار دراسات الجدوى : يجب أن تغطي دراسات الجدوى وتذكر بوضوح الفقرات الآتية: – أ- موضوع الدراسة (the object of the study) وذلك يعني إن الدراسة تذكر بوضوح الموضوع والهدف من إجرائها مع تحليل لما يأتي: – أولا: المسار الأفضل ضمن العديد من البدائل (عادة 3 او 2 بدائل للمسارات المقترحة للطريق ) ثانيا: الوقت المناسب للتنفيذ. ثالثا: مستوى الخدمة المتوقع ( أ، ب ، ج ، د ). رابعا: مشاريع البني الارتكازية ذات العلاقة بالطريق. خامسا: تأثير الطريق الجديدة على الطرق الأخرى في المنطقة. ب- توفر المعلومات (data provided) :- يجب ذكر كل المعلومات المتوفرة وتبويبها لكي يمكن الرجوع إليها، وتشمل دراسات الجدوى للطرق كل الفرضيات والتحديدات التي يجب أن تذكر مع التبريرات . ت- طرائق التحليل (methods of analysis): – يجب تثبيت طرائق التحليل التي تستعمل في الدراسة لكي تكون دليلا للمقارنة مع الدراسات والنتائج الأخرى. ث – محتوى الدراسة (content of study) :- يجب أن تحتوي دراسة الجدوى على ما يأتي:- أولا: خلاصة عن أهمية الدراسة والنتائج المتوقعة. ثانيا: علاقة المشروع بالبرنامج العام أي الخطة العامة للدولة. ثالثا: علاقة المشروع بمختلف وسائل النقل الأخرى (السكك، النقل المائي، النقل الجوي) والأراضي التي سيمر بها. رابعا: حجم المرور الحالي و حجم المرور المتوقع خلال عمر الطريق. خامسا: كلفة التنفيذ والصيانة خلال العمر التصميمي. سادسا: حسابات الفوائد الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة قدر الإمكان. سابعا: الوقت المتوقع للانجاز حسب خطة التنفيذ المقررة. 6- المعلومات المطلوبة لدراسات الجدوى : من الضروري توفر المعلومات الآتية من اجل الحصول على دراسة جدوى شاملة لمشروع طريق: – أ-المرور على الطريق: أولا: إحصاء المرور المتوقع على الطريق بالاتجاهين في يوم افتتاحه و معدل النمو ثم تخمين أعداد المركبات أو المحاور القياسية التي ستمر على الطريق خلال العمر التصميمي المفترض، وتكون الإحصائيات على شكل المعـدل اليومي للسنة و المعبر عنـه ب (AADT) وكذلك حجم المرور الساعي (DHV) . ثانيا: مكونات المرور والأرقام المكافئة وإذا لا تتوفر المعلومات نفترض نسبة من السيارات على إنها تجارية (Commercial vehicles & buses) تتراوح عادة بين (10-15% ) . ثالثا: معدل السرع التصميمية والتشغيلية (حسب حدود السرع المسموح بها قانونا). رابعا”: مستوى الخدمة على الطريق (توجد خمسة مستويات خدمة (A,B,C,D,E ) خامسا”: مكونات المقطع العرضي للطريق. سادسا: معدل الحوادث والنقاط السوداء (Black points) على الطريق الحالية (مطلوبة عند اعداد دراسة جدوى تحسين طريق موجودة). ب – مسح للمقاصد الأصلية: يجب توفير مسح شامل للمقاصد من إنشاء الطريق وذلك بالمعاينة المباشرة لمساره وجوانبه، وإجراء المقابلات مع سكان المناطق التي يمر بها وأثر ذلك في تنمية تلك المناطق. ت -كلفة الإنشـاء (Construction costs) والكلـف الإضافية على مستخدمـي الطريـق (user costs ) .
ث- كلفة الإنشاء المباشرة ( Direct cost ) وهي كلفة ظاهرة ومحسوبة وتشمل ما يأتي: استملاك الأراضي والتعويضات، المواد، الأيدي العاملة (الأجور والرواتب) , الآليات، تفرعات الطريق , الجسور والقناطر ضمن مساره , البنى التحتية المطلوبة ، التضخم , الصيانة خلال العمر التصميمي، إجراء المسوح والتصاميم وجداول الكميات والإعلان والإحالة، وتعرف الكلفة الحقيقية بعد استدراج العروض و الحصول على اقل الأسعار . أما كلفة مستخدمي الطريق فهي كلفة السفرة الواحدة لمستخدمي الطريق التي تبرر صيانة وتحسين الطريق الموجودة أو إنشاء طريق جديدة وهناك تفرعات عديدة للكلف التي يتحملها مستخدمي الطريق. ث – التطور المتوقع بسبب إنشاء الطريق الجديد: المتعارف عليه إن المساحات المجاورة لمسار الطريق ولعمق يقارب 10كلم تتأثر بإنشاء الطريق الجديدة، إن دراسة تأثير إنشاء الطريق على حجم المرور، نوع الرحلات ، كثافة السكان، الفعاليات الاقتصادية، نقل المحاصيل الزراعية وغيرها كلها تدخل في نطاق دراسات الجدوى. جـ -المرور المتوقع: لابد من احتساب حجم المرور المتوقع على الطريق الحالي بعد فتح الطريق الجديدة وتشمل الدراسة المرورية ما يأتي: – أولا: المرور الحالي الذي يستخدم الطرق الحالية الموجودة ونسبة النمو الطبيعية. ثانيا: المرور المتوقع تحوله من الطرق الموجودة إلى الطريق الجديدة وكذلك تأثر أنواع النقل الأخرى نتيجة تحسن مستوى الخدمة على الطريق الجديدة. ثالثا: حجم المرور الذي سيكون نتيجة التحسن الجديد. رابعا: نمو المرور المتوقع نتيجة زيادة النشاط الاقتصادي على جوانب الطريق الجديد 6- تقييم مكونات دراسات الجدوى :- يجب في دراسة الجدوى تقييم علاقة الكلفة بالفائدة، السعر السائد، التضخم، العمر التصميمي، قيمة المشروع في نهاية العمر التصميمي، التوفير في كلفة تشغيل المركبة مهم في دراسات الجدوى ويمكن احتسابها كما يأتي: – أ-الفوائد للمرور الاعتيادي هي الفرق بين كلفة الحركة على الطريق القديمة وتلك الناجمة عن استعمال الطريق الجديدة. ب-الفوائد للمرور المتحول هي تلك الناجمة عن تحسن وقت الرحلة، كلفة الرحلة والاندثار. ت-الفوائد للمرور المتكون على الطريق هي العلاقة بين كلفة الرحلة وعدد السيارات المارة خلال وحدة الزمن. أما زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي والمقلعي فهي أمور تؤدي إلى زيادة المرور على الطريق، ويمكن احتساب الفوائد استنادا إلى هذا النمو، كما إن الفوائد في معرفة القيمة الحقيقية للبضائع والخدمات بسبب الطريق الجديدة هي بزيادة حركة السوق وفرص زيادة المعروض لصالح التجار. تكون قيمة الطريق أو الجسر في نهاية العمر التصميمي حسب الأسعار السائدة ويجب احتسابها وأخذها بنظر الاعتبار في حسابات الجدوى مع ملاحظة الكلف غير المباشرة (قد تكون مؤثرة أكثر من الكلف المباشرة). 8- تحليل المعلومات :- في حالة الطرق و الجسور التي تعمل
بنظام الأجور (Toll roads or bridges) يمكن احتساب نسبة المنفعة إلى الكلفة بشكل مباشر واختصار الكثير من الخطوات ، أما الأنواع الأخرى فيمكن أن تبقى قيمتها مبنية على اعتبارات اجتماعية إضافة إلى الاعتبارات الاقتصادية ويمكن إتباع احد أو أكثر من طرائق التحليل الآتية: أ- اعتبارات استراتيجية : في أحيان عديدة يتم تشييد الطريق بقرارات مبنية على اعتبارات استراتيجية تخص امن البلد بغض النظر عن الاعتبارات الاقتصادية، في حالة كهذه تكون دراسة الجدوى عبارة عن تأشير الفوائد المتوقعة إلى كافة القطاعات والفعاليات، وان أمكن تحويل ذلك إلى كميات لان من غير الممكن تحويل الفوائد الأمنية إلى نقود يمكن احتسابها، ومن أمثلة ذلك الطرق الحدودية التي تسير عليها دوريات المراقبة فقط، أو الطرق التي تصل إلى المناطق النائية والجبلية الخالية تقريبا من السكان والفعاليات. ب- التصاميم القياسية : يمكن تشييد طريق أو جسر استجابة لمتطلبات الجمهور وإلحاح الرأي العام وبمواصفات معينة بغض النظر عن الكلفة وهنا يقبل المهندسون التجاوز على التصاميم القياسية. وكأمثلة على ذلك فقد يتم تشييد طريق بعرض اقل من القياسي بسبب المحددات الموقعية كالآثار أو البنايات أو المناطق الجبلية الخلابة، وفي أحيان أخرى ولذات الأسباب قد يتجاوز المهندسون على إبعاد المنحنيات الأفقية والعمودية القياسية أو كليهما لتنفيذ طريق ما. ت- تحديد طريقة التحليل : يمكن اتباع إحدى طرائق التحليل الآتية للحصول على نتيجة رقمية لكل الإجراءات والخطوات التي أجريت في دراسة الجدوى: – أولا: طريقة معدل الفائدة الداخليrate of return (IRR) : Internal بهذه الطريقة تحسب الفوائد والكلف لمختلف المعدلات المخفضة ثم نعمل مقارنة لحساب معدل التخفيض، قيمة (IRR) تقرر عندما تكون الفوائد تساوي الكلف وعندها يكون المشروع مجديا من وجهة نظر الحسابات النظرية. ثانيا: طريقة صافي القيمة الحالية: Net present value (NPV) صافي القيمة الحالية هي الفرق الجبري بين الفوائد والكلف (Benefits – costs) في ذات معدل التخفيض، ويكون المشروع مجديا إذا كانت قيمة (NPV) موجبة. ثالثا: طريقة نسبة الفائدة إلى الكلفة: Benefits cost ratio (B/C ratio) وهي الطريقة الشائعة ومستعملة عادة في العراق. وفيها يتم: – (1)احتساب كل الكلف المتوقعة لتنفيذ الطريق أو الجسر (مباشرة وغير مباشرة) ومعظمها يمكن احتسابه بدقة، وبعضها يفترض كنسبة إلى الكلف المباشرة المصروفة ويعبر عنها (cost). (2)احتساب كل الفوائد لمستخدمي الطريق أو الجسر مثلا اختصار زمن الرحلة، زيادة عدد الرحلات، تقليل الحوادث، تقليل نسبة الاندثار للمركبات، الراحة النفسية للسائق والمسافر ويعبر عنها فوائد (Benefits) . (3)إذا كانت (B/C) أكثر من واحد فان المشروع مجدي. قد يكون المشروع مجديا في مرحلة ما ثم إذا تعداها يكون غير مجدي اقتصاديا مثلا بالنسبة للطرق فقد يكون مجديا فتح الطريق إلى طبقة الأساس (تبليط طبقة واحدة) ولكن إذا بالغنا في إضافة طبقات، أو إجراءات تأثيث وكماليات تزيد الكلفة وتبقى المنافع فقد يسبب ذلك عكس في قيمة (B/C) فيتحول إلى غير مجد اقتصاديا. وهناك أمر نؤكد عليه وهو ضرورة إعادة تقييم دراسة الجدوى لمشروع الطريق أو الجسر بعد انجازه وافتتاحه وتأثره بمختلف العوامل مثل دراسة المرور المتوقع وهل وصل الأرقام النظرية المفترضة في أعداد دراسة الجدوى الأولية، كلفة تشغيل المركبة، قيمة الوقت، الحوادث ، كلفة الصيانة كل هذه العوامل هل تطابقت مع فرضيات إعداد دراسة الجدوى ؟
مع تحيات المستشار المهندس الاستشاري عدنان احمد مظلوم